الثلاثاء، 19 فبراير 2013

الداخلية والطرق المسدودة





كل الطرق تؤدي إلى داخلية لا يمكن أن تستمر على حالها وبنفس الأسلوب القديم كأداة للقمع، ربما ينجح الأمر مع الأفراد لكن كلما حاولت السلطة أن تستخدم الشرطة لكسر إرادة جماعية أو حتى أطلقت يدها بإعطائها غطاء سياسيا لأفعالها فشلت.

بورسعيد مثلا تريد تحقيقا مستقلا وعادلا في قتلى المدينة بعد حكم قضية الأولتراس ومرسي وعد بالتحقيق، والتحقيق المستقل -إن حدث- سيطال قيادات في الداخلية أعطت أوامر أو غضت الطرف عن استهداف أبرياء وقنصهم انتقاما لمقتل الضابط والمخبر في بداية الأحداث، مع الأخذ في الاعتبار خلفية كسر إرادة الشرطة في الثورة والتي يحملها كل فرد شرطة في نفسه ضغينة للشعب كله.

الأولتراس أنفسهم مازالوا يطالبون برأس قيادات في الداخلية تورطت في أحداث استاد بورسعيد.

حتى أحداث اعتداء الشرطة على معتصمي مصنع بورتلاند الأسكندرية باستخدام الكلاب البوليسية حدث على إثره قطع الأهالي طريق ميناء الدخيلة المؤدي للطريق الدولي.

وتستطيع أن تعدد أمثلة كثيرة مشابهة، وتضيف إليها احتقانا مستمرا لمن طاله البطش الشرطي ولم يجد من ينصفه!

الأزمة في الأمر أن مرسي لن يتخذ إجراء ضد الداخلية بحكم احتياجه لها في الأمن الجنائي وكعامل هام في معادلة الاقتصاد والاستثمار، ثم هناك الاحتياج الأكبر في أمنه السياسي بالإضافة لخشيته من غضبها إن حاول تغييرا جذريا في هيكلها وطبيعة تكوينها .

وكلما مر الوقت وتورط مرسي وجماعته أكثر مع الداخلية كلما ازداد الأمر استفحالا واستحال.

هنا تكمن المعضلة: الشعب لم يعد يقبل بالشرطة على حالتها القديمة خصوصا الجموع، ومن في السلطة والذي يملك مفتاح التغيير لن يفعل لاحتياجه تارة وتورطه أخرى.

والسؤال: من يملك كسر تلك الحلقة المفرغة؟

المؤكد أنه ليس أحد أطراف اللعبة الحالية!

السبت، 16 فبراير 2013

إعلان: مطلوب عمر محمد مرسي للتعيين.




القصة حكاها لي صديقي, طبيب هو تخرج في قصر العيني عن تعيين ابن أستاذ دكتور شهير في الرمد في قصر العيني.





الولد -ابن الأستاذ الشهير- لم يكن متفوقا في الدراسة وكان تقدير تخرجه لا يعطيه أفضلية في التعيين كنائب جامعي على بقية زملائه. فما كان من أبوه إلا أن عينه في المركز القومي للبحوث كباحث -بمحسوبية طبعا- فحصل الولد على دبلومة لمدة سنتين, ثم أعلن قصر العيني في الجرائد القومية -بسطوة الأستاذ الدكتور- عن حاجته لنواب جامعيين بشروط التخرج في سنة كذا (سنة تخرج الولد) وبتقدير كذا (تقدير تخرج الولد) وأن يكون قد عمل بالمركز القومي للبحوث وحصل على دبلومة كذا (مواصفات الولد حرفيا).
وبالطبع لم تنطبق تلك المواصفات إلا على بسلامته المذكور .

 تذكرت تلك القصة وأنا أسمع عن تعيين ابن الرئيس مرسي في القابضة للمطارات لأنه يجيد الإنجليزية والحاسب الآلي! وعموما لم أستغرب كثيرا فما أشبه الليلة بالبارحة.





هنا تجد تضليل الرأي العام بالقول: أن مرتب الوظيفة لا يتجاوز 900 جنيه! وجدلا لو صدقنا تلك الحكاية عن ال900 جنيه, يبقى  السؤال: هل كل أبناء مصر ممن يحملون نفس مؤهل ابن الرئيس وسنة تخرجه وتقديره, لديهم نفس الفرصة في التعيين؟!
والسؤال مازال مطروحا: ما الوظائف التي قدمها الرئيس مرسي لحملة الماجستير والدكتوراة الذين تظاهروا مرارا وتكرارا مطالبين بالتعيين؟ هل حصل أيهم على نفس فرصة ابنه الذي تخرج هذا العام فقط من الجامعة؟!
  
وهنا عمر ابن عبدالعزيز الذي جرد زوجته فاطمة بنت الخليفة عبد الملك بن مروان من حليها وجواهرها، وطلب منها أن تعطيها لبيت المال قائلا: اختاري..إما أن تردي حليك إلى بيت المال، وإما أن تأذني لي في فراقك، فإني أكره أن أكون أنا وأنت ومعك هذه الجواهر في بيت واحد.




تذكرت أيضا ابن توني بلير رئيس وزراء بريطانيا السابق, الذي قبضت عليه الشرطة وهو يقود تحت تأثير الخمر فما كان من الولد إلا أن أخفى شخصيته تماما خوفا على مركز والده.

هذا هو الفارق بين الدول التي تقيم العدل بديمقراطيتها وبين من يدعي العدل متمسحا بالإسلام.



كنت أتصور أننا نتحدث في بداهيات عندما نقول أن ابن مرسي ليس من حقه وظيفة ليست متاحة لغيره لأنه ليس أبن فلان أو علان. لكن اتضح أن البداهيات نفسها أصبحت تحتاج إلى تعريف في هذا البلد!

وفي الحقيقة إذا لم نتعلم أن المنصب مغرم وليس مغنما وأن ابن المسؤول -دون كل البشر- عليه قيود لا توضع على أبناء المواطنين العاديين فلا تنتظروا خيرا في هذا البلد.