الجمعة، 27 ديسمبر 2013

ظاهرة اسمها توفيق عكاشة


لا أخفيكم سرا أنا عمري ما تابعت توفيق عكاشة متابعة دقيقة ألا اليومين دول بحكم وقت الفراغ الكبير اللي أتيح لي بعد سفري لقطر لأكل العيش.

إذ بي اكتشف إن توفيق عكاشة ظاهرة تستحق الوقوف عندها وإنه عمل نقلة في برامج التوك شو بل في الإعلام ككل وأسس مدرسة جديدة ستكتب باسمه -بتكلم بجد مش بهزر-

بصرف النظر عن المحتوى (الرسالة) التي يقدمها عكاشة، فالشكل (الوسيلة) التي يستخدمها مبتكرة غاية الابتكار. وأسلوبه السهل البسيط الذي يستخدم المفردات العامية القحة يحتاج إلى الانتباه والاستيعاب والدرس.

ولو أنت من المقتنعين بمقولة عالم الاجتماعي مارشال ماكلوهان: الوسائل أهم من الرسائل. ستغض الطرف عن الترهات التي يقولها عكاشة وسترى أنه حقق المقولة تماما.

لا أعرف إذا كان عكاشة سمع بمقولة ماكلوهان أو لا..بس ما أعرفه أنه يطبقها جيدا.

عكاشة نقل برامج التوك شو لطبقات اجتماعية كانت اهتماماتها بالتليفزيون منصبة على مشاهدة المسلسلات وربما الأفلام، ثم أقل القليل من الأخبار والمنوعات. 

عكاشة أشبع حاجة لدى طبقات عريضة من المصريين اهتمت بالشأن العام في مصر بحكم الظرف التاريخي للبلد بعد الثورة، لكنها اصطدمت ببرامج توك شو موجهة بالأساس للطبقة المتعلمة المثقفة -وهي قلة القلة- في حين أن أغلبية المصريين بالضرورة هم البسطاء (طبقة وفكرا وفقرا)،والذين في السابق كانوا يتلقون معارفهم ومعلوماتهم عن الشأن السياسي في البلد مشافهة بينهم -إن حدث- وبحكاوي تختلط فيها الأكاذيب بالشائعات بالحقائق.

سأتفق معك أن عكاشة أو العوكش -كما قد يحلو لك عزيزي المثقف أن تسميه- لم يقدم إلا محتوى غث ومتهافت وتافه، بمعنى أنه لم ينقل البسطاء في عالم السياسة والشأن العام إلى الأمام، ولكنه حقق وصولا لهم حسده عليه الكثيرون فحاولوا تقليده بعد أن اكتشفوا أن برامجه فقرة ثابتة على المقاهي الشعبية ومحلات الملابس والمطاعم التي يرتادها العامة والبسطاء.

المفارقة الرهيبة أن الذي صنع شعبية وجماهيرية عكاشة هي ثورة 25 يناير التي أدخلت العامة والبسطاء إلى حظيرة السياسة والشأن العام فوجدوا في عكاشة ضالتهم وبوابتهم لفهم ذلك العالم. بينما أن عكاشة نفسه من ألد أعداء الثورة وممن حاربوها!

لو كنت مكان توفيق عكاشة لقدست الثورة واعترفت بفضلها علي وهي التي نقلتني من خانة النكرة إلى خانة التعريف الكامل بالألف واللام حتى سمى البعض ظاهرته بالعوكاشية

الثلاثاء، 24 ديسمبر 2013

قاهرة المذل (أفكار للمستقبل)

 مصر دولة تعاني من المركزية الشديدة, وبالتالي مصر كلها بيتم اختصارها في القاهرة. والداء ده مش بتعاني منه الدولة كمؤسسات بس, لكن أفراد أيضا في تعاملاتهم وفهمهم, لدرجة أن أبناء الريف وحتى أبناء المدن ف وجه بحري والصعيد بيقولوا على سفرهم القاهرة: إحنا نازلين مصر.

ولذلك جزء كبير من الخلاص من مشاكلنا هو التخلص من الأخطبوط اللي اسمه القاهرة ده, وده ملوش حل في نظري غير بتغيير العاصمة اللي أصبحت كارثة بكل المقاييس.

وتجربة تغيير العاصمة مش بدعة ولا حاجة, كل الدول اللي لقت نفسها في أوضاع مشابهة لينا غيرت, واحتفظت بردو بمكانة للعاصمة السابقة البرازيل  (ريودي جانيرو وبرازيليا) ونيجيريا (لاجوس وأبوجا) والهند (دلهي ونيودليهي) -ولو أن الهنود مغرمين شوية بتغيير اسماء مدنهم الكبيرة (مومباي وبومباي, وكولكاتا وكلكتا)-

المهم في فكرة تغيير العاصمة إن ميطلعش حد يقولنا القاهرة الجديدة وأكتوبر والبدنجان ده يبقى هو العاصمة, لأن ساعتها يبقى محلناش المشكلة وكله ف الآخر لازق وبيصب في قلب القاهرة القديمة. وده ميمنعش نحتفظ للقاهرة ببريقها ونسميها العاصمة الثقافية لمصر أو الاقتصادية أو أيا ما كان.

العاصمة الجديدة لازم تحقق هدفين: 1- الابتعاد قدر المستطاع عن القاهرة
2-الاقتراب من الصعيد, وده هيحل أزمة كبيرة اسمها اهمال الصعيد اللي لو أنا من أهله هتراودني أحلام الانفصال عن مصر اللي مجنتش منها غير الاهمال والازدراء.

 وبالتالي متنفعش طبعا اسكندرية تبقى عاصمة, لأننا ساعتها هننقل الحمل مش هنحل المشكلة, وعشان كده تبقى المنيا الجديدة (الظهير الصحراوي للمنيا) هي الانسب لأنها على هضبة فدرجة حرارتها قريبة من القاهرة, وثانيا هتحقق اقتراب من الصعيد وف نفس الوقت مش بعيدة لدرجة مخيفة أو موغلة في الصعيد فتبقى عائق لأهل الوجه البحري.

ده طبعا يستدعي خطة لنقل العاصمة, خطة عشرية مثلا, نعمل فيها طرق وننقل فيها مصالح واحدة واحدة, ونفكر كمان في القطار فائق السرعة -ليه لأ؟- وأهو يحل مشكلة البعد.

وليه كمان منفكرش نستضيف كاس العالم عندنا في 2026 فيبقى وسيلة لتطوير بنيتنا التحتية وقاطرة تشدنا للأمام مع مشروع نلتف حوله, ونسيبنا بقة من عقدة صفر المونديال, لأنه في الحقيقة كان فشل في تكوين لوبي بين أعضاء المكتب التنفيذي للفيفا
يصوت لمصر, ولو كان عندنا ساعتها عضو مكتب تنفيذي زي هاني أبوريدة دلوقتي كنا أكيد هنجيب أصوات. اللي كان متابع وقتها كويس يفتكر إن ملف مصر لتنظيم المونديال أخد درجة تقييم جيد جدا, لكن الصفر والضجة اللي أثيرت حواليه خليتنا ننسى.


المهم يعني مجموعة العواجيز وأساطين الاستقرار والجمود طول ما هما بيحكمونا وبيتحكموا فينا وبيكتبوا في الدستور: القاهرة عاصمة مصر, عمرنا ما هنتحرك لقدام ولا هنفكر في حلول لمشاكلنا برة الصندوق القاهري اللي مات وشبع موت.

عاوزين شباب فكرا وعملا يقعدوا على عجلة القيادة, عشان الأكلشيهات بتاع العواجيز اللي على طريقة: أذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون تنتهي, والأجيال اللي ماتت وشبعت موت دي بس مصرة تحكمنا ندفنها في تربتها بقة وتبطل تعيش في وسطنا زي الفامبيرز.