الأحد، 1 مايو 2011

مصر وحاجتها للتعليم كمحدد لنهضتها


دخلت مصر في تيه لمدة ثلاثين عاما, خرجت فيه من سباق التقدم الحضاري, وسلمت إرادتها السياسية واستقلالية قرارها الوطني لأعدائها. وهو ما أدى بالتبعية لحالة من التردي في البنية الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
والمتابع لأحوال مصر خلال الثلاثين سنة, لابد أن يلحظ بعض الأمور الهامة:
ففي السياسة مثلا, غيرت مصر مواقع الأعداء الطبيعيين الذين يهددون أمنها القومي وحدودها؛ لرؤية ضيقة لصانع القرار, الذي رسم محددات للأمن القومي تخرج تماما من المنطق العقلي إلى محض خيارات بلهاء وأحيانا متآمرة.
وفي الإقتصاد, تخلصت مصر من قواها الإقتصادية واعتمدت برنامج للخصخصة أتى على الأخضر واليابس فيها, وحول مصر إلى بلد يضع المعونات الدولية بندا ثابتا في ميزانيتها.
ويستطيع المتابع ببساطة أن يعدد ترديا مماثلا, اجتماعيا وعلميا وصحيا وتعليميا. وهو ما يسمى تراجع القدرة المصرية.
وهنا سؤال..ما العمل؟ وكيف تخرج مصر من سباتها الطويل لتعود لمكانتها التاريخية والحضارية؟
الإجابة ببساطة تتلخص في تبني مشروع قومي للنهضة يرتكز على الاهتمام بالتعليم كقاطرة لشد مصر إلى الأمام, وكمحدد للطبيعة العصرية التي تحتاجها مصر للحاق بما فاتها.
فالاستثمار في البشر عن طريق التعليم لن يعيد مصر إلى العصر الحديث فحسب..بل سيعيد الاهتمام بقطاعات عريضة من المصريين تعرضوا للإهمال والغبن لثلاثين عاما, ذاقوا خلالها مرارة الجوع ومذلة الجهل وهوان المرض..وهو ذلك المثلث الشهير لتخلف الأمم (الجهل والفقر والمرض).
كما أن الاهتمام بالتعليم وبتحقيق نهضة علمية مدروسة سوف يساعد على التطور الديمقراطي الذي تسعى إليه مصر؛ فمن المؤكد أن المتعلم أكثر قدرة على استيعاب ثقافة الاختلاف واحترام الآخر وحرية الفكر, التي هي جوهر المسألة الديمقراطية. كما أن التعليم سوف يميت خرافة أن الشعب المصري غير مؤهل للديمقراطية, تلك الخرافة التي ما فتىء النظام السابق يلوكها ليل نهار, ويستخدمها في مقابل الدعوات المستمرة للإصلاح.
إن الناظر لثورة 25 يناير بعين فاحصة سوف يجد أن حجر الزاوية فيها كانوا هم أبناء الطبقة المتوسطة من المتعلمين, الذين أدركوا أن مصر تستحق أفضل مما هي عليه..فسعوا للثورة الشاملة, بدلا من استجداء النظام ببعض الاعتصامات الفئوية التي تترجى النظام أكثر مما تسخط عليه .وهذه الطبقة (المتوسطة/المتعلمة) تآكلت على مدى ثلاثين عاما إلى الحد الذي جعل الحاجة ملحة للاستثمار في التعليم لإعادة تنمية تلك الطبقة والدفع باتجاه نهضة مصرية شاملة, تخرج مصر من تيهها الطويل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب